جدة (يونا) - تأتي زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ المرتقبة اليوم الأربعاء إلى المملكة العربية السعودية لتعكس التطور المتسارع في العلاقات بين البلدين.
وتنعقد خلال زيارة الرئيس الصيني ثلاث قمم هي القمة السعودية الصينية، والقمة الخليجية الصينية، والقمة العربية الصينية، وسط اهتمام إقليمي ودولي بمخرجات هذه القمم وإسهاماتها لتعزيز جهود التعاون الدولي في مواجهة التحديات المشتركة.
ويأتي انعقاد هذه القمم في إطار حرص السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان على تنمية العلاقات الثنائية مع الجانب الصيني في سياق التوجه الإستراتيجي لتعزيز علاقات المملكة وشراكاتها الثنائية مع جميع الدول والقوى الدولية المؤثرة، وإقامة علاقات متوازنة معها تخدم أهداف المملكة، وتسهم في حماية مصالحها.
كما يأتي انعقاد القمم ضمن مساعي المملكة لإشراك الدول الخليجية والعربية في جهودها لتعزيز التعاون الدولي بما ينعكس على مزيد من الاستقرار والازدهار للمنطقة، لا سيما في ظل العلاقات الكبيرة التي تجمع بين الصين والدول الخليجية والعربية.
وفي هذا الصدد، أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور نايف الحجرف أهمية العلاقات الخليجية - الصينية، حيث تعد الصين الشريك التجاري الأول لدول مجلس التعاون كما أنَّ مجالات التعاون المستقبلية كبيرة جداً وهناك رغبة متبادلة لتطوير العلاقات لما يخدم المصالح المشتركة ويعزز التعاون في المجالات الاقتصادية والتنموية والتجارية وغيرها.
كما أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن القمة العربية – الصينية دعوة صريحة للتكامل الاقتصادي والاستثماري بين العراق ودول الجوار، وأن العراق يتطلَّع إلى اقتباس تجارب الصين الناجحة في مجالات مختلفة أهمها مكافحة الفقر.
وإلى جانب مساعيهما لتعزيز التعاون الدولي، تولي حكومتا السعودية والصين أيضاً اهتماماً بالغاً بتعزيز المواءمة بين مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، و"رؤية المملكة 2030"، وتطوير التعاون بين الجانبين، في مجالات الاقتصاد، والتجارة، والنقل، والبنية التحتية، والطاقة، وكذلك المجالات الناشئة، مثل: تقنية الجيل الخامس، والذكاء الاصطناعي، والبيانات الكبيرة.
وبدأت العلاقات بين السعودية والصين منذ 80 عاماً، حيث شملت مختلف أوجه التعاون والتطور، في شكل علاقات تجارية بسيطة واستقبال الحجاج الصينيين، وصولًا إلى شكلها الرسمي عام 1990م بعد اتفاق البلدين على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بينهما وتبادل السفراء وتنظيم اجتماعات على المستويات السياسية والاقتصادية والشبابية وغيرها.
وفي يناير عام 2016، أجرى الرئيس الصيني شي جين بينغ زيارة إلى السعودية عقد خلالها مباحثات مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في قصر اليمامة بالرياض.
ووُقعت خلال تلك الزيارة 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين حكومتي المملكة والصين، منها مذكرة تعزيز التعاون المشترك في شأن الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، ومبادرة طريق الحرير البحري للقرن 21، والتعاون في الطاقة الإنتاجية.
ومثَّلت زيارة ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان إلى الصين في أغسطس 2016 دفعة كبيرة للعلاقات بين البلدين، حيث التقى ولي العهد الرئيس الصيني شين جين بينغ، وعدداً من كبار المسؤولين.
وتقود اللجنة السعودية - الصينية المشتركة رفيعة المستوى الجهود القائمة من حكومتي البلدين لزيادة التنسيق في الشأنين السياسي والأمني، وتعزيز أوجه التعاون في الجوانب التجارية والاستثمارية، والطاقة، والثقافة، والتقنية.
وفي مارس 2017، زار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الصين، وأكد خلال الزيارة اعتزازه بمستوى العلاقات الثنائية والتعاون المشترك بين المملكة وجمهورية الصين الشعبية، مشيراً إلى ما تمر به المملكة والصين من تحولات اقتصادية مهمة أتاحت فرصاً كبيرةً لتعزيز الروابط الوثيقة بينهما.
وتم خلال الزيارة توقيع العديد من مذكرات التفاهم والتعاون والبرامج بين حكومتي المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية في عدد من المجالات، منها علوم وتقنية الفضاء، وبرنامج التعاون الفني في المجال التجاري، ومذكرة التفاهم بشأن إسهام الصندوق السعودي للتنمية في تمويل مشروع إنشاء مبانٍ جامعية في إقليم سانشي.
واستكمالاً لتعزيز العلاقات وتوسيع مجالات التعاون بين البلدين، جاءت زيارة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان إلى الصين في عام 2019م، والتي التقى خلالها الرئيس الصيني.
كما رأس ولي العهد خلال الزيارة الجانب السعودي في أعمال الدورة الثالثة للجنة السعودية الصينية المشتركة رفيعة المستوى، وتم خلالها التطرق إلى التعاون المشترك بين البلدين، ومجالات التنسيق في الشأن السياسي والأمني، بالإضافة إلى بحث تعزيز أوجه التعاون في الجوانب التجارية والاستثمارية والطاقة والثقافة والتقنية، واستعراض آفاق الشراكة الثنائية بين الجانبين في نطاق رؤية المملكة 2030 ومبادرة الحزام والطريق.
وأقيم على هامش الزيارة منتدى الاستثمار السعودي الصيني الذي شهد مشاركة أكثر من 25 جهة من القطاعين الحكومي والخاص في المملكة، ونتج عنه توقيع 35 اتفاقية تقدر بأكثر من 28 مليار دولار أمريكي، وتسليم 4 تراخيص لشركات صينية مختصة في عدد من المجالات.
وعلى الصعيد الاقتصادي تتشارك المملكة والصين في عضوية عدد من المنظمات والتكتلات الاقتصادية الدولية، مثل منظمة التجارة العالمية، ومجموعة العشرين، كما شاركت المملكة كعضو مؤسس إلى جانب الصين في إنشاء "البنك الآسيوي لاستثمار البنية التحتية"، والذي يهدف إلى تعزيز التنمية الاقتصادية، وتحسين ترابط البنى التحتية في قارة آسيا وخارجها.
واحتلت الصين مركز الشريك التجاري الأول للمملكة لآخر 5 سنوات، إذ كانت الوجهة الأولى لصادرات المملكة ووارداتها الخارجية منذ العام 2018، حيث بلغ حجم التجارة البينية 309 مليارات ريال، في العام 2021، بزيادة قدرها 39% عن العام 2020، كما بلغ إجمالي حجم الصادرات السعودية إلى الصين 192 مليار ريال، منها صادرات غير نفطية بقيمة 41 مليار ريال.
(انتهى)